سورة الأحقاف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحقاف)


        


{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)}
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ القرى} يعني بلاد عاد وثمود وسبأ وغيرها، والمراد إهلاك أهلها {فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ} الآية عرض معناه النفي أي لم تنصرهم آلهتهم التي عبدوا من دون الله {قُرْبَاناً} أي ترقبوا بهم إلى الله وقالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وانتصاب قرباناً على الحال، ولا يصح أن يكون قرباناً مفعولاً ثانياً لا تخذوا وآلهة بدل منه لفساد المعنى، قاله الزمخشري، وقد أجازه ابن عطية {بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ} أي تلفوا لهم وغابوا عن نصرهم حين احتاجوا إليهم.


{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32)}
{وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الجن} أي أملناهم نحوها، والنفر دون العشرة، وروي أن الجن كانوا سبعة وكانوا كلهم ذكراناً، لأن النفر الرجال دون النساء، وكانوا من أهل نصيبين، وقيل من أهل الجزيرة، واختلف هل رآهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قيل: إنه لم يرهم، ولم يعلم باستماعهم حتى أعلمه الله بذلك، وقيل: بل علم بهم واستعد لهم واجتمع معهم، وقد ورد في ذلك عن عبد الله بن مسعود أحاديث مضطربة، وسبب استماع الجن أنهم لما طردوا من استراق السمع من السماء برجم النجوم قالوا: ما هذا إلا لأمر حدث، فطافوا بالأرض ما أوجب ذلك، حتى سمعوا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر في سوق عكاظ، فاستمعوا إليه وآمنوا به {أُنزِلَ مِن بَعْدِ موسى} في هذا دلالة على أنهم على دين اليهود، وقيل: كانوا لم يعلموا ببعث عيسى {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ذكر في [البقرة: 89] {دَاعِيَ الله} هو رسول الله صلى الله عليه وسلم {يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ} من هنا للتبعيض على الأصح، أي يغفر لكم الذنوب التي فعلتم قبل الإسلام، وأما التي بعد الإسلام فهي في مشيئة الله، وقيل: معنى التبعيض أن المظالم لا تغفر وقيل: إن من زائدة {وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي من النار، واختلف الناس هل للجن ثواب زائد على النجاة من النار، أم ليس لهم ثواب إلا النجاة خاصة {وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ الله} الآية: يحتمل أن يكون من كلام الجن، أو من كلام الله تعالى، ومعنى ليس بمعجز أي لا يفوت.


{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)}
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ} الآية: احتجاج على بعث الأجساد بخلق السموات والأرض {وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} يقال: عييتَ بالأمر إذا لم تعرفه، فالمعنى أنه تعالى علم كيف خلق السموات والأرض، وأحكم خلقتها، فلا شك أنه قادر على إحياء الموتى {بِقَادِرٍ} في موضع رفع لأنه خبر أن، وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أول الآية على أن وخبرها {بلى} جواب لما تقدم، أي هو قادر على أن يحي الموتى.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7